ماذا يعني أفتتاح كنائس في كل دول ألخليج(ألجزء ألثاني)

كنائس إماراتية متعددة
يشكل الكاثوليك غالبية المسيحيين المقيمين في الإمارات، ولديهم سبع كنائس، كما أكد لوكالة فرانس برس الأب فرانسوا من كنيسة القديسة مريم في دبي التي تستقبل أسبوعيا عشرات الآلاف من المصلين، حسبما يقول، وتنظم فيها صلوات وقداديس على مدار الساعة بلغات عدة، كما تضم الإمارات كنيسة إنجليكانية وعدة كنائس بروتستانتية وأرثوذكسية، لا سيما كنيسة جديدة وضخمة للأقباط الأرثوذكس دشنها في أبو ظبي البابا شنودة الثالث بابا أقباط مصر في أبريل 2007، بخلاف وضع الرئيس الروسي (السابق) فلاديمير بوتين حجر الأساس لأول كنيسة أرثوذكسية روسية في الشارقة في العام نفسه.
وتضم الإمارات العربية المتحدة التي تفاخر بانفتاحها وتعدديتها الثقافية، عدة كنائس يمارس فيها مئات الآلاف من المسيحيين الوافدين، ومعظمهم من الهند والفيليبين والعرب والغربيين شعائرهم، ويطالب قساوسة هناك بمزيد من الكنائس لمواكبة العدد المتزايد للمسيحيين كما يقولون، وقد ساهم في ذلك تزايد العمالة الأجنبية الآسيوية والأجنبية بصورة ضخمة، حيث بلغ عدد سكان الإمارات في نهاية 2006 حوالي 5.6 ملايين نسمة يشكل المواطنون منهم حوالي 15.4% فقط، بحسب دراسة شبه رسمية.
كنائس خاصة بسلطنة عمان
ولا تتوافر معلومات كثيرة عن الكنائس في سلطنة عمان، ولكن القس الأمريكي مايكل بوس أكد لوكالة أنباء فرانس برس أن الهنود الكاثوليك يمثلون غالبية المسيحيين المقيمين هناك، وأن عشرات الآلاف من الكاثوليك والأرثوذكس والبروتستانت يمارسون شعائرهم في كنائسهم الخاصة هناك في تسامح تام.
خمس كنائس في قطر
أما "كنيسة العذراء" أو "سيدة وردية" كما أطلق عليها، فهي الأولى من نوعها التي بنيت في قطر، وشارك كاردينال مبعوث من قبل الفاتيكان في افتتاحها، وهي الأولى من خمس كنائس يتم تشييدها في العاصمة القطرية، وهي أيضا الأولى في خامس دولة خليجية تسمح بذلك تحت شعار حرية ممارسة المسيحيين لشعائرهم الدينية وسيعقبها بناء أربعة كنائس أخرى للكنائس: "القبطية المصرية"، و"الأرثوذكسية" و"الإنجيلية"، إضافة لكنيسة خامسة غير محددة ليصبح مجموعها خمسة، ما قد يرفع عدد الكنائس في دول الخليج إلى قرابة 50 كنيسة.
الكنائس مقابل مساجد أوروبا!
منذ هجوم بابا روما الحالي بنديكت السادس عشر على الإسلام في خطابه الشهير الذي ألقاه بإحدى الجامعات الألمانية في سبتمبر 2006، ووصمه بأنه يحض على العنف والإرهاب، وجلسات "الحوار بين الأديان" معطلة بسبب الغضب الإسلامي، ومع أن البابا لم يعتذر، فقد لوحظ أنه عندما عادت جلسات هذا الحوار للاستئناف مؤخرا - بعد إيماءات الفاتيكان برغبته في الحوار وتوجيه 138 من علماء ووجهاء المسلمين رسالة مفتوحة إلى قيادات مسيحية كبرى في العالم من كافة الطوائف يدعون فيها إلى مزيد من التفاهم بين الإسلام والمسيحية – بدأ الفاتيكان يضع شروطا لهذا الحوار.
أما أبرز وأخطر هذه الشروط التي يعتقد أنها متصلة بالخط السياسي الأمريكي المتعلق بالسعي لـ "علمنة الإسلام" من الداخل عبر "بناء شبكات مسلمة معتدلة"، ومتصلة بتزايد الوجود الكنسي المسيحي في الخليج، وتزايد أعداد المسلمين في الغرب ودعواتهم لبناء مساجد لهم، فهي شرط ما سمي "التبادلية" بمعنى دعوة الفاتيكان دول الغرب لربط بناء مسجد في أي عاصمة أوروبية ببناء كنيسة في دولة إسلامية، وخصوصا الخليج وبشكل أدق السعودية.
وقد قاد هذه الحملة بشكل واضح وصريح الكاردينال جان لوي (لويس) توران سكرتير البابا والمسئول عن الحوار مع الأديان، وظهر من جملة حوارات أدلى فيها بتصريحات لصحف كنسية وأوروبية أن الفاتيكان سيشدد – في الحوارات المقبلة - علي جملة أمور تتعلق بجوهر العقيدة الإسلامية ومحاولة تغييرها – كما يقولون – كي تتطور المؤسسة الدينية الإسلامية كما حدث للمسيحية بعد العصور الوسطي.
من ذلك مثلا مناقشة جلسات الحوار لـ"الإرهاب" (مقصود به بالطبع الإرهاب الإسلامي)، والديمقراطية في العالم الإسلامي، والعنف الذي تتعرض له الأقلية المسيحية في بعض الدول الإسلامية والذي ينال أيضا من يريد اعتناق المسيحية (أي المرتد) وفق قولهم.
أما بيت القصيد فكان ما قاله الكاردينال "توران" - في حوار مع صحيفة زينيت الإيطالية يوم 22 فبراير 2008 – من أن هدفهم هو السعي لإقناع المسلمين بفكرتي: الفصل بين الدين (الإسلام) والدولة، أي علمانية الدولة، وضرورة سماح المسلمين ببناء كنائس مسيحية في بلادهم – خصوصا السعودية – مثلما يجري السماح لهم ببناء مساجد في الغرب.
بل إن هذا الكاردينال جان لوي (لويس) توران (سبق له أن انتقد الإسلام والقرآن ووصفه بأنه "كتاب غير عقلاني") قال في حديث له مع جريدة أفنيرى (Avvenire) الإيطالية يوم 30 نوفمبر 2007 الماضي إنه: "يتعين على المسلمين أن يكتشفوا قيم عدم إجبار أو حرمان شخص من ممارسة دين ما، فما هو مباح لطرف يجب أن يكون مباحا للطرف الآخر، ومن هذا المنطلق إن كان من الصواب أن يكون للمسلمين مسجد كبير وجميل في روما، فمن الصواب أيضا ومن الضروري أن يكون للمسيحيين كنيستهم في الرياض".
كما أوضح الكاردينال في هذا الحوار الصحفي أنه: "لا حوار ممكن مع إسلام يبشر ويمارس الإرهاب الذي هو ليس إسلام أصلي وإنما تحريف للإسلام"، وأعلن: "أنه من الصعب إجراء حوار ديني حقيقي مع المسلمين؛ لأنهم يعتبرون أن القرآن الكلام النصي لله ولا يقبلون مناقشته بعمق"، ونسب له تكراره لقول البابا إن الإسلام دين عنف وغير عقلاني.
وفي هذا الصدد تقول الدكتورة زينب عبد العزيز، أستاذة الحضارة الفرنسية بجامعة عين شمس، والتي كتبت سلسلة مقالات تكشف فيها حقيقة مواقف الفاتيكان من الإسلام، إن الكاردينال جان لوي توران - الذي سيترأس الحوار المقبل مع علماء مسلمين في روما - أشار إلى "إن مبدأ (المبادلة) هذا - أي كنيسة مقابل مسجد - يمكن أن يتم بصورة فعالة عبر الحوار الدبلوماسي والكرسي الرسولي وحكومات البلدان ذات الأغلبية المسلمة.
أي أن الهدف باختصار هو التعامل مع الإسلام علي أنه دين يحتاج إلى تطوير وإلى إعادة النظر في قرآنه، تماما كما حدث مع المسيحية التي تطورت منذ عصور التنوير، ويتضمن ذلك بالطبع إقناع المسلمين بتغيير رفضهم لمسألة تغيير المسلم لدينه (الردة)، وتغيير نظرتهم للقرآن وتطويره، وفصل الدين عن الدولة كما فعلت الكنيسة، والمطالبة صراحة ببناء كنائس في السعودية بدءا بالرياض".
وهذه الخلاصة تعيدنا مرة أخرى لتدارس تداعيات أو آثار بناء كنائس في قطر، فلأنها آخر دولة خليجية تقبل بناء كنائس على أرضها ولم يتبق سوى السعودية، سيزيد هذا القرار من الضغوط على السعودية، خصوصا أن النوايا – كما وضح من كلام الكاردينال توران السابق – جاهزة لذلك، وخصوصا أن حوار الأديان الجديد الذي يريده الفاتيكان يستهدف "تطوير أو تغيير" الدين الإسلامي بما يعنيه ذلك من السماح بتدشين كنائس في السعودية.